نتيجة العصيان والسقوط أمسى الإنسان فاسدًا بطبيعته وقد تلوَّث قلبَه وفكرَه وسلوكه، وآثارُ فسادِه عبر التَّاريخ قديمة وطويلة. لم يمرّ الكثير من الأجيال حتَّى قام قايين، بِكرُ آدم وقتل أخاه الأصغر هابيل. منذ السقوط كانت كُل محاولات الإنسان الدِّينيَّة، وحتَّى الصَّادقة منها، مُلوَّثة بتلوُّث طبيعته. فأساس المُشكلة هي في داخل الإنسان، في قلبه وطبيعته السَّاقطة. ليس من الممكن محو الظُّلمة من دون النُّور، كما أنه لا خلاص من دون مُخَلِّص. لا يوجد أحد من البشر ليس مُلوَّث بالخطية ولا يُمكن لأحد أن يُخلِّص نفسه بنفسه كما يُعَلِّم الكتاب المُقدس لذلك تجسَّد المسيح ومات حَاملًا عنا قصاص خطايانا.
تُعَلِّم كلمة الله أيضًا بأنَّ إختبار الخلاص يبدأ بعمليَّة جراحيَّة روحيَّة لتبديل القلب، حيث يولد الإنسان ولادة جديدة. ما قالَه الرب يسوع المسيح لنيقوديمس الشيخ هو البداية، “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ” (إنجيل يوحنا 3:3). ببساطة، لا إمكانية لعمل خارجي أن يُعالج مرضًا داخليًا. لا يمكن للولادة الجديدة أن تتم عند المعموديَّة. كذلك لا يمكن لجميع الفرائض والطُّقوس أو حتَّى جميع الأعمال الصالحة بأن تصنع منَّا خلائق جديدة، أي أن تُميتنا وتُحيينا مع المسيح. فقط الإيمان الواعي والمُدرِك لفداء المسيح ولعمل الكفَّارة على الصَّليب هو القادر أن يفعل هذا التَّغيير، وهذا لا يتم إلا بالولادة الجديدة التي هي عمل الرُّوح القدس، “لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا بِغَسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (تيطس 5:3). فالإيمان لا يُتوارث ولا يُفرض ولا يُصنع بل يُعطى كهبة من المسيح يسوع.
إنَّ المسيحيَّة ليست خارطة طريق تَصِلُ بمَن يسْلُكُها بالنِّهاية إلى الخلاص. فاختبار الولادة الجديدة هو إختبار الخلاص الَّذي أعَدَّهُ وأكْمَلَهُ الرَّب يسوع المسيح وحده على الصَّليب في الماضي البعيد. هذا الخلاص الَّذي تَمَّ، هو مُقدَّم مجانًا لكُل مَن يؤمن. ليس الخلاص عَمَلًا أو جهْدًا بشريًا، إنَّه اختبار النِّعمة المجَّانيَّة، وبداية رحلة أبديَّة ثابتة باتِّجاه الموطن النِّهائي السَّماوي. ولأنَّ الرب من البداية وحتى النهاية هو الذي صنع هذا الخلاص المجاني بنفسه وبسفك دمه، يُصبح إختبار الخلاص عبارة عن قبول هذا العمل بالإيمان فقط.
نجاح رُغم الإخفاق
أثناء ثورة الإصلاح في إنجلترا، أصبح رئيس الأساقفة توماس كرانمر إنجيليًّا، وراح يعمل على إصلاح الكنائس. قُبض عليه وعُذّب ثلاث