تُصَنَّف الكثير من الأمراض، التي ليست عُضويَّة في طبيعتها، على أنها “نفسيَّة”، فتُعالج خطأً بالوسائل الطُبيَّة عبر الأدوية أو الإرشادات الإجتماعيَّة الغير كتابيَّة. هذه المشاكل بالتحديد ليست “نفسيَّة” بالمفهوم العِلمي للكلمة وإستخدامها، بل هي مشاكل روحيَّة. من الضروري علاج الأمراض النفسيَّة، المُشَخَّصَة كذلك من الإختصاصين، بالطُرق الطُبيَّة ُالعِلميَّة بعد التأكُّد من وجودها، لكن من الضروري أيضًا أن لا نَنْسِب لكل ما نجهله وما يواجه الإنسان من قلق وخوف وإحباط وغيره إلى الأمراض النفسيَّة. إن سوء علاج المشاكل الروحيَّة عبر الوسائل الغير روحيَّة والطبيَّة هو عمل ذائع ومُنتشر ومُسْتَسْهل. المبادئ التي يعتمد عليها الطب النفسي في علاجه لهذه المشاكل الروحيَّة تتعارض بمُعظمها مع كلمة الله التي تحتوي على المبادئ المُناسبة لهذه الأمراض. تعمل كلمة الله على شفاء الإنسان وليس على تخديره أو إلهائه. هي تعمل على قلب الإنسان الداخلي، وليس على ما يُنتجُهُ فقط. هي تعمل على إزالة الأسباب، وليس التعاطي معها والحد من عواقبها فقط.
عَمَل مُتناغم
كُل مخلوق مُصمَّم من الله ليعمل بطريقة مُعَيَّنة تُناسب تصميمه. الإبتعاد عن إرشادات الله التي تحفظ هذا الكيان والتي تُؤَمّن عمله بشكل فعَّال هو أساس المَشاكل، أكان من النواحي الروحيَّة أو حتى الغذائيَّة، حيث نجد وصايا كثيرة تتعلَّق بتصنيف ما نأكل من حيوانات بين نجس وطاهر.
عدم الرضى، الإنزعاج، القلق، التوتُّر، الخوف، وما شابه ليسوا إلا نتيجة بُعد الإنسان عن الله ووصاياه. القلب هو مصدر الشرور وهو مُلوّث ومريض بالخطيَّة ويحتاج للتجديد والتطهير. إن الشعور بالذنب لا يزول إلَّا عبر إختبار الغفران الكامل. الهَم والقلق لا يزولان إلَّا عبر التسليم والثقة بمن هو مسؤول ويستطيع أن يفعل ما يريد. الفراغ لا يزول إلَّا عبر إستبدال العالميَّات والماديَّات بالشبع الحقيقي والإرتواء من الماء الحي. أليس الخوف والتشاؤم هو نتيجة ضُعف الرجاء وفُقدان السلام. ماذا تستطيع أن تفعل الأدوية الطبيَّة لمشاكل القلب الروحيَّة؟
العلاج الحقيقي
إن السلام الذي يَفْتَقِده الكثيرون هو المصالحة مع الله قبل المصالحة مع الناس والنفس. تكمن المشكلة أنَّنا في عداوة مع الله قبل أن نكون في عداوة مع بعضنا البعض ومع نفوسنا. هذه العداوة جعلت الإنسان يُفَكِّر ويعمل بدون تناغم مع الهدف الذي خلقه الله لأجله. أساس هذه العداوة هي الخطية التي خَرَّبت ما أعده الله لنا للعيش بسلام. فبعيدًا عن شرائع الله وقوانينه، لا يمكن لأي إنسان أن يَحظى بأي إستقرار أو طمأنينة حقيقيَّة. عندما يُبرِّرنا المسيح نتصالح مع الله، وسلام يسوع الحقيقي يملك في قلوبنا، رغم الضيق الذي نواجهه في هذا العالم. السلام الحقيقي هو من صُنع المسيح، وهو ليس وليد واقع جديد ممكن الوصول إليه بالجهد والكد، أو بالحكمة والفهم، أو عبر تعاطي العقاقير.