حَصْريَّة الخلاص

يرى البعض أن حصر طريق الخلاص بالإيمان الواعي بشخص يسوع المسيح وفدائه على الصليب هو أمر فيه الكثير من الصعوبة والظُلم. ماذا يَحصل لمن لا يؤمن أو لمن لا يستطيع أن يؤمن وهو إنسان شريف ومُخلص يسلك بتقواه وبحسب ما تعلَّمه؟
لا يمكن للبداية أن تكون إلا في تعريف صحيح للخلاص. فهل الخلاص هو أمل أو رجاء بمكان أفضل من الأرض بعد الموت بناء على إيمان أو سلوك ما، أم هو عمليَّة إنقاذيَّة ضخمة يُنتَشَل فيها الإنسان من سيادة الخطية والشيطان للشركة مع الله التي تدوم إلى الأبد! إذا كان الخلاص هو التعريف الثاني وهذا ما تكرَّرَ على صفحات الكتاب المقدس وعلى فم يسوع المسيح والرسل، فإن الغُموض يبدأ بالزوال. فتحديد طريق الخلاص لا يكون على مبدأ ما نَستَحسنه بُغية إيجاد أوْسَع فرصة للكثيرين، بل يُبنى على مبدأ يقول: من يستطيع أن يصنع هكذا خلاص؟ الخلاص هو شق طريق ليسلك الإنسان عليها للوصول للأمان. رغم وجود الكثير من الإقتراحات والنصائح والوعود، واحد وحيد صنع خلاصًا كاملًا ودَعَى الإنسان إليه.
إذا سلَّمنا جدلًا أن الإنسان يستطيع أن يَخلص بسبب جهله، فعلينا أن نُسلِّم هنا بأن الجهلَ صَنَعَ خلاصًا وإنقاذًأ للإنسان! وإذا سلَّمنا جدلًا أن الأعمال الصالحة تَصلُح بأن تكون سبب خلاص الإنسان، علينا أن نُسلِّم أيضًا بأنه لا داعي لأن يموت المسيح على الصليب بتاتًا، إذ توجد طريق أسهل وأوسع. الحصريَّة تمنع التزوير والتلاعب والتجارة، وما أكثرها في عالم الدين والإيمان. الحصريَّة تضمن الجودة وتُسهِّل إيجادها. فالحصريَّة مفروضة لأن الخلاص هو خلاصه ومن صُنعِه وحده.
ماذا يتوقّع الإنسان الغريق في بحر الظلام والشر والضعف في هذا العالم من الله عندما يصرخ إليه مُتألمًا مُحتارًأ؟ هل يتوقّع أن يطلب منه الله تنفيذ لائحة بالمطالب والشروط حتى يُخلصه؟ هل يتوقّع أن يطلب منه الله أن يحاول إنقاذ نفسه، أو يطلب منه إيجاد وسيلة للخلاص؟ أليس من الطبيعي والبديهي والمنطقي أن يأتي الله القدير المحب ليُنقِذه ويُخَلِصه؟ أليس حَصْرِها فيه هو لتأكيدها وضمانها ولإستحالة نجاحها بدونه؟
يرى البعض صعوبة كبيرة بالقول أنَّه لن يخلص أحد إلا بالمسيح يسوع. ويرى البعض الآخر صعوبة أكبر بالقول بأنَّه يوجد طُرق ووسائل أخرى للخلاص بغير يسوع عندما يقول هو بنفسه “أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلاّ بي”. لا عيب في أن لا نفهم كل شيء، بل من الطبيعي أن تكون أفكار الله وحكمة الله أعمق وأبعد من أفكارنا وقدراتنا المحدودة، إنَّما الخسارة الكبرى هي أن نُفوِّت علينا فرصة خلاصنا الواضحة والصريحة والقريبة ونضع رهاننا على غير المسيح “اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ لأَنِّي أَنَا اللَّهُ وَلَيْسَ آخَرَ.” (إشعياء 22:45).

Share the Post:

other articles

نجاح رُغم الإخفاق

أثناء ثورة الإصلاح في إنجلترا، أصبح رئيس الأساقفة توماس كرانمر إنجيليًّا، وراح يعمل على إصلاح الكنائس. قُبض عليه وعُذّب ثلاث

Read More

أمراض القلب

تُصَنَّف الكثير من الأمراض، التي ليست عُضويَّة في طبيعتها، على أنها “نفسيَّة”، فتُعالج خطأً بالوسائل الطُبيَّة عبر الأدوية أو الإرشادات

Read More

لماذا خلقَنا الله؟

هل يحتاج الله لمن يُحبه ولمن يعبده؟ وجود الحاجة يعني وجود النقص. إذا كانت عمليَّة الخلق هي لتأمين الشركة مع

Read More

CONTACT

WORKING HOURS

Join THE SOCIAL CIRCLE

Get updates on special events  & added information