أثناء ثورة الإصلاح في إنجلترا، أصبح رئيس الأساقفة توماس كرانمر إنجيليًّا، وراح يعمل على إصلاح الكنائس. قُبض عليه وعُذّب ثلاث سنوات عَلَّه يتراجع عن أقواله وأفعاله وإيمانه. وإذ رفض التراجع، غيّروا استراتيجيّتهم معه فعاملوه باللّطف واللّين واهتمّوا به وحاولوا إقناعه أن يتنازل حِفاظًا على مصلحته ومصلحة البلد ومصلحة الإيمان. وبعد أن قتلوا أساقفة آخرين، وقع في الفخ ووَقّع على وثيقة تراجعَ فيها عن إعلان إيمانه المصلح، وأعادَ خضوعه لسلطة الكنيسة. نُشرت هذه الوثيقة في إنجلترا في عهد الملكة ماري، ووعدوه أنّها ستلغي حكم الإعدام الصادر بحقّه. أصرَّت الملكة الشريرة المُلقّبة تاريخيًّا “ماري الدمويّة” على إعدامه رغم تراجعه. أقتيد إلى سانت ماري، وراحوا يذيعون على المتفرّجين الكثيرين ما اقترفه من أذى بالكنيسة بتبنيه الفكر الإصلاحي. فبعد توجيه الاتّهامات طلبوا منه أن يوجِّه كلمة أخيرة. هنا وقف توماس كرانمر وألقى خطابه الشهير، الّذي نقله أتباعه فيما بعد. أوصى المتفرّجين ألّا ينسوا أن يحبّوا بعضهم البعض، وأن يهتمّوا بالفقراء. ثُمّ اعترف بالضيق الّذي يشعر به وبافتقاده للسلام والراحة، وبانزعاجه الشّديد من أمرٍ واحدٍ، وهو توقيعه على وثيقة التّراجع عن إيمانه. ثمّ اعترف أمامهم أنّ مَنْ جعلَهُ يوقّع الوثيقة هو خادم الشيطان، وأنّ كل ما في الوثيقة خطأ، وأنّه متمسّك بإيمانه الإنجيلي المُصلح. قال أنَّ عند دخوله النار المُعدَّة له للإعدام سيُدخل أوّلاً يده الّتي وقّع بها على تلك الوثيقة، لأنّها يجب أن تحترق. وأخيرًا عبّر عن شعوره بالسّلام والفرح الشّديد بعد تراجعه واعترافه. وإذ أخذوه ليحرقوه، أدخل فعلاً يده أوّلاً لتحترق. لم يجد توماس سلامه إلّا حين ثَبَتَ على إيمانه كما فعل يوسف. يموت الأبرار بسلام لأنهم تابوا عن كلّ خطاياهم، وتخلّوا عن كلّ شرورهم وعاداتهم السّيّئة، وتمسّكوا بكلمة الله.
أمراض القلب
تُصَنَّف الكثير من الأمراض، التي ليست عُضويَّة في طبيعتها، على أنها “نفسيَّة”، فتُعالج خطأً بالوسائل الطُبيَّة عبر الأدوية أو الإرشادات