يُعلِّم الكتاب المُقدس بوضوح أن العبادة والسجود هي لله وحده. عندما سجد الرسول يوحنا الحبيب للملاك، قال له “انْظُرْ لاَ تَفْعَلْ! لأَنِّي عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إِخْوَتِكَ الأَنْبِيَاءِ، وَالَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هَذَا الْكِتَابِ. اسْجُدْ لِلَّهِ” (رؤيا يوحنا 9:22). وعندما سجد كرنيليوس أمام بطرس، قال له “قُمْ أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ” (أعمال الرسل 26:10). وعندما أراد الجموع في لسترة تقديم الذبائح لبولس الرسول وبرنابا، مزَّقا ثيابهما وقالا لهم “نَحْنُ أَيْضاً بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ نُبَشِّرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا مِنْ هَذِهِ الأَبَاطِيلِ إِلَى الإِلَهِ الْحَيِّ” (أعمال الرسل 15:14).
أكَّد الرب يسوع المسيح بنفسه أهميَّة حصر السجود والعبادة بالله وحده حين قال لإبليس عندما كان مُجرَّب في البريَّة “مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ” (إنجيل متى 10:4). لقد قَبِلَ السجود والعبادة لأنه الله الظاهر في الجسد. هو الكائن الحي القائم إلى الأبد
“أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ” (رؤيا يوحنا 8:1).
إنّ رفعْ الصلوات والتسبيحات هو من أساسات العبادة والسجود. عندما نصلّي أو نُرنّم لأحد ما، هذا يعني أنَّنا نعبده. نحن مُطالبون لا بأن نُكَرِّم القديسين فقط بل كُلّ الأباء والأُمهات والملوك وكُل من في منصب، إنَّما لا نعبد أو نصلّي لأحدهم. لا يوجد مَثَل واحد لصلاة واحدة أو ترنيمة واحدة رُفعت لغير الله في كل الكتاب المُقدس بعهديه القديم والجديد. نرى العذراء مريم والرسل والقديسين جميعًا يُصلون للرب يسوع المسيح وحده وليس لبعضهم البعض، ولا لأحد من الذين سبقوهم الى المجد.
يظن البعض انهم بسجودهم لغير الله هم لا يُشركون بل يطلبون المساعدة أو التوسُّط فقط. كتب الرسول بولس “يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ” (1 تيموثاوس 5:2). أليس يسوع المسيح الرب هو معنا ويسمعنا والأقرب إلينا؟ أليس هو وحده من أحبّنا وفدانا ومات لأجلنا وقام واشترانا وسيأتي مرة أخرى ليأخذنا إليه؟ لا يحتاج صاحب القلب الكبير لشفاعة، ولا يحتاج خالق الكون العظيم لمُساعدة. أيضًا تُؤكِّد الوصيَّة الثانية من الوصايا العشر على عدم جواز السجود أو التكلُّم مع أحد من سكان السماء غير الله وحده إذ تقول الوصيَّة “لا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالا مَنْحُوتا وَلا صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الارْضِ مِنْ تَحْتُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الارْضِ. لا تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلا تَعْبُدْهُنَّ لانِّي انَا الرَّبَّ الَهَكَ الَهٌ غَيُورٌ” (خروج 4:20). هذه التماثيل والصور ليست للآلهة الوثنية فقط بل تشمل جميع القديسين لأن الوصيَّة تقول “مِمَّا في السماء”.
يُسْلَب الرب يسوع المسيح المجد والكرامة اللذَيْن يستحقّهما عندما نلجأ لسواه “أَلاَ يَسْأَلُ شَعْبٌ إِلَهَهُ؟ أَيُسْأَلُ الْمَوْتَى لأَجْلِ الأَحْيَاءِ؟” (إشعياء 19:8). كانت وما زالت وصيته واضحة أنه لا يجوز أن يكون في شعب الرب “مَنْ يَسْتَشِيرُ المَوْتَى” (تثنية 11:18). تعالوا نقتفي آثار جميع الأنبياء والقدّيسين فنعبد ونطلب من ربّنا ومُخلصنا يسوع المسيح وحده لأنه لا يُشارك صفات الألوهة مع أحد، ومن أهم هذه الصفات الوجود في كُل مكان ومعرفة كُلّ شيء. تعال إلى المسيح لأنه يدعوك، أُصرخ إليه لأنه وحده يسمعك “اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ” (إشعياء 6:55).
نجاح رُغم الإخفاق
أثناء ثورة الإصلاح في إنجلترا، أصبح رئيس الأساقفة توماس كرانمر إنجيليًّا، وراح يعمل على إصلاح الكنائس. قُبض عليه وعُذّب ثلاث